قصة نجاح .. الشباب هم
الركيزة الأساسية في التنمية
إن المساهمة في تشكيل المجتمع بشكل بناء أمر يجب
على المرء تعلمه، ويستحسن أن يبدأ ذلك في سن مبكرة. وللمدرسة كمؤسسة دور محوري في ذلك،
يتعدى كثيراً مجرد نقل المعرفة. قد تركز المدرسة على الطاعة والانضباط وتربي الأطفال
والشباب بحيث يصبحون «رعايا»، وكان هذا النموذج هو السائد عالمياً إلى أواخر خمسينيات
القرن الماضي. كما يمكن للمدرسة أيضاً أن تصنع «مواطنين كاملي الأهلية»، فالمدرسة التي
تقوم على هذا الأساس تمكّن الطلبة من التفكير المستقل والنقدي والتصرف المسؤول، كما
تربيهم على قيم الحرية والديمقراطية والتسامح واحترام الآخرين وتقدير القناعات المختلفة،
وتشجع على روح السلمية في إطار التفاهم بين الشعوب، وتوضح المفاهيم الأخلاقية والقيم
الثقافية والدينية، كما تدعم التصرف الاجتماعي والمسؤولية السياسية، وتؤهل لإدراك الحقوق
والواجبات في المجتمع.
ولا يمكن أن تنجح تربية الأطفال والشباب ليكونوا
مواطنين مؤهلين، إلا إذا تعلموا في الحياة المدرسية اليومية كيفية التنظيم الذاتي والتعبير
عن مصالحهم وانتخاب نواب عنهم والتميز بين المصلحة العامة والمصالح الفردية والموازنة
بينهما. على هذه الخلفية أصبح مألوفاً في كثير من الدول إشراك التلاميذ في تنظيم الحياة
المدرسية، بل ليس التلاميذ فحسب: فلأهاليهم ومعلميهم أيضاً حق المساهمة في اتخاذ القرارات.
وبما أن تأسيس المجالس الطلابية في الدول المتقدمة
جزء لا يتجزأ من الهيكل المدرسي كهيئة منتخبة من الطالبات والطلاب ، ويصبح أعضاء المجلس
ممثلون لصوت الطلاب الآخرين في المدرسة ويعرضون وجهات نظرهم حول العديد من الموضوعات.
كما يتحملون مسؤولية المشاركة في تنظيم الفعاليات في المدرسة والعمل في مجالات مختلفة
على مدار العام الدراسي فإن تعزيز قدرات قيادات المجالس الطلابية المنتخبة في المدارس
تعتبر إحدى أهم التدخلات التي تم القيام بها
من قبل منظمة أدوار للتنمية الشبابية وبالشراكة مع ........... في تنفيذ مشروع تعزيز
قدرات المجالس الطلابية في حجة في الوقت الذي يشهد اليوم الحراك الطلابي المدرسي تغييرات
كبيرة على المستوى الاجتماعي والسياسي، وأظهر الطالبات والطلاب إمكانيات كبيرة في حل
المشكلات ليس فقط في المدرسة بل أيضا في المجتمع المحيط، ويجب أن تقدم لهم المزيد من
الثقة حتى تتحقق طموحاتهم.
لقد كانت هناك تجارب سابقة بتشكيل المجالس في بعض
المحافظات اليمنية، حيث بدأت وزارة التربية والتعليم في ديسمبر ٢٠١٦م بتنفيذ انتخابات
المجالس الطلابية المدرسية في بعض المحافظات بهدف تشجيع الطلاب والطالبات على ممارسة
العمليات الانتخابية والعملية الديمقراطية بتكوين مجالس منتخبة على أسس ديمقراطية ابتداء
بتكوين مجالس الفصول ومنها تشكيل المجلس الطلابي المدرسي في جو ديمقراطي تنافسي ووفقا
للائحة التنظيمية للمجالس الطلابية الصادرة بقرار وزاري رقم (421) اكتوبر 2008م، إضافة
إلى تنفيذ العديد من برامج التوعية والتدريب وورش تبادل الخبرات، والتي بدورها رفعت
من قناعة التربويين والسلطة المحلية بأهمية المجالس الطلابية المدرسية كقاعدة صلبة
لتعزيز قيم الديمقراطية في الوسط المدرسي.
إلا أن هناك العديد من التحديات التي تواجه عمل المجالس
الطلابية المنتخبة في المدارس، يأتي في مقدمتها: عدم معرفة تلك القيادات وأعضاء المجالس
الطلابية في المدارس أو في الفصول بمهامّهم وأدوارهم ومسئولياتهم. وعدم فعالية تلك
المجالس بسبب ضعف قدرات قياداتها وافتقارهم لأبسط المفاهيم والمهارات التي تمكنهم من
ممارسة العمل الانتخابي والديمقراطي بشكل عملي واتاحة الفرصة المتساوية للطلاب للتعبير
عن آرائهم وافكارهم بسبب عدم تلقيهم تدريبات تمكن تلك المجالس بالاستدامة، كذلك ضعف
آليات التواصل والتنسيق بين المجموعات التي تشكل المجتمع المدرسي (الطلاب، المعلمون،
الإداريون، الآباء والامهات) لإثراء الجو المدرسي، وضعف الادراك لأهمية تفعيل تلك المجالس
الطلابية باعتبارها منبر للتعبير عن احتياجاتهم وحل مشاكلهم واكتشاف قدراتكم وصقل مواهبكم،
ليصبحوا شركاء في العملية التربوية والتعليمية، بالاضافة الى ضعف الأداء والتميز والاستمرارية
في تنفيذ الأنشطة والمهام التي تتولها المجالس الطلابية بسبب عدم حصول قيادات المجالس
على تدريبات في مهارات القيادة - الاتصال - التعاون الحوار والنقاش، وغرس حب المبادرة
والعمل الطوعي وكذا تجذير مبدأ الخدمة الاجتماعية، وتعميق القيم الاجتماعية لخلق روح
التعاون والتفاهم بين جميع الطلاب .
وهنا شعرنا بضرورة المساهمة والتدخل بالشراكة مع
المعهد الجمهوري الدولي IRI الصندوق الوطني
الديمقراطي NED في تنفيذ مشروع
تعزيز قدرات قيادات المجالس الطلابية في حجة والذي استمر ثلاثة أشهر استهدف اهم شريحة
مجتمعية "الشباب" لتزويدهم بالمعارف والمهارات التي تجعلهم قادرين على تحمل
المسئولية وان يكونوا فاعلين لتحقيق بصمات تنموية في المدارس أو المجتمع.
ومن أهم التدخلات المنفذة والهادفة إلى بناء قدرات
القيادات الطلابية في مدرستي قدم وعزي نجرة للتعليم الاساسي والثانوي، وتعزيز قيم الانتماء
الوطني وتنمية روح الحوار البناء الهادف الذي يؤدي إلى احترام الرأي والرأي الأخر،
وتعزيز روح التعاون والعمل الجماعي الذي يعتمد على نبذ الثغرات الطائفية والعنصرية،
باعتبار أن الطالب يشكل عنصراً ونموذجاً ديمقراطياً واجتماعياً وسياسياً في الاستحقاق
الديمقراطي، بالإضافة إلى ضرورة إحداث تغيير حقيقي في التفكير والتحليل والعقلية التي
توجه الطاقات الطلابية. والعمل على تشجيعهم للانفتاح على الأخرين سوى مع الطلاب أو
الإدارات المدرسية أو مع المجتمع المحلي من خلال توطيد علاقات الاتصال والشراكة مع
مجالس الآباء والأمهات بهدف دعم المجالس الطلابية والإدارة المدرسية لإبراز مواهب وقدرات
الطالبات والطلاب الكامنة لديهم من خلال المشاركة وتنفيذ أنشطة طلابية ومجتمعية.
فقد تم تنفيذ دورة تدريبية لعدد 25 متدرب ومتدربة
من قيادات المجالس الطلابية ومجالس الآباء بهدف رفع قدراتهم في تلك المجالس المنتخبة
والذين لم يتلقوا اي تدريب منذ لتنفيذ انشطة تكسبهم الخبرة والمهارة، وتساهم في ارساء
وترسيخ مبادئ الديمقراطية ابتداء من الوسط المدرسي من خلال تدريب تلك القيادات في مهارات
فن القيادة - مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان - والحوار والنقاش- والتفاوض ومهارات
الاتصال وإعداد المبادرات والعمل الطوعي وأهميته في خدمة المجتمع.
وتمكنهم من القيام بمهامهم بكفاءة وفاعلية للمساهمة
في ترسيخ المبادئ الديمقراطية لأجيال المستقبل باعتماد منهجية المثقف النظير لنقل ما
اكتسبوه من مهارات لمجالس الفصول بالمدارس المستهدفة، بهدف تخريج جيل متعلم وناضج قادر
على تحمل المسؤوليات المستقبلية.
وتبعتها أنشطة لتثقيف أقران من المجالس الطلابية
بالمدرستين عمل على توعية مجالس الفصول الطلابية المنتخبة بكل مدرسة بعقد 6 ندوات توعوية
استهدفت 90 طالب وطالبة من مجالس الفصول في المدرستين المستهدفة، لنقل ما اكتسبوه من
مهارات ومعارف الى الطلاب الدارسين في المديرية مع اشراك مجالس الآباء والامهات والمعنيين
بالتدريب من اجل تعزيز الشراكة بين المجالس الطلابية ومجالس الآباء والعمل معهم من
خلال التشبيك وإعداد المبادرات التنافسية وتكريمها وتمويلها ومتابعتها وتوثيق انشطتها،
بالإضافة الى تأسيس وإطلاق شبكة المجالس الطلابية
الديمقراطية بالمحافظة، والتي تعتبر أول شبكة مدنية لطلاب المدارس بمديرية نجرة بشكل
خاص، ومحافظة حجة بشكل عام.
وليس هذا فحسب بل سعت تدخلات المشروع الى توسيع الشراكة
بين مجلس الآباء والامهات والمجالس الطلابية ومجالس الفصول من خلال اختيار مبادرتين
طلابية فائزة ودعمها وتمويلها بمبالغ رمزية لتنفيذها نشطة توعويه ومجتمعية ومدنية وصحية
وبيئية وحملات نظافة، وذلك بهدف خلق روح المنافسة الإيجابية بين الطلاب، وترسيخ مبادئ
الديمقراطية واشراكهم في العملية التعليمية، وغرس حب المبادرة والعمل الطوعي والخدمة
الاجتماعية، وإيجاد شراكة مع مجالس الآباء والامهات وتخريج جيل متعلم وناضج قادر على
تحمل المسؤوليات المستقبلية.
وهنا كانت المفاجئة فقد استطاعت القيادات الطلابية
تقديم نموذج متميز في المبادرة والعمل الطوعي عبر منهجية المثقف النظير واشراكهم في
تنمية المجتمع المدني من خلال تنفيذهم أنشطة وحملات وجلسات توعوية طلابية ومجتمعية
لامست احتياجات المجتمع من ناحية، ولامست طاقات واحتياجات أولئك القادة بأن يكون لهم
دور فاعل في خدمة مجتمعهم المحلي..
فقصة نجاحنا .. أننا استطعنا خلق روح المنافسة
الإيجابية بين طلاب وطالبات قيادات المجالس الطلابية ومجالس الفصول، وترسيخ مبادئ الديمقراطية
واشراكهم في العملية التعليمية، وإكسابهم المفاهيم التي تجسد احترام الرأي والراي
الاخر، واكسابهم مهارات تمكنهم تمثيل الطلاب والطالبات امام الادارة المدرسية
ومساعدة زملائهم وحل مشاكلهم. كما استطعنا غرس حب المبادرة والعمل
الطوعي والخدمة الاجتماعية، وتخريج جيل متعلم وناضج قادر على تحمل المسؤوليات المستقبلية
وقادر على أن يكون فاعل في مجتمعه المحلي باعتبارهم محركي الحياة وقلبها النابض
ومجدديها ومطوريها وهم عمودها الفقري وقوته النشطة والفعالة والقادرة على قهر
التحدي وتذليل الصعوبات وتجاوز العقبات وتقديمهم خدمات تطوعية ومجتمعية تستحق
التقدير والافتخار بها كلما تم تعزيز قدراتهم ومهاراتهم ... وكلما تم اعطاءهم
الفرصة للتعبير عن أنفسهم وشعورهم بالإنتاج والمسئولية لتفريغ الطاقات المحبوسة في
أعماقهم ..
وهنا أستطاع المشروع تحقيق
قصة نجاح في التركيز والاهتمام على هذه الشريحة المجتمعية "الشباب"
باعتبارها الركيزة الأساسية في التنمية والشريحة الوحيدة القادرة على تحقيق
الأهداف الوطنية المنشودة ... فبهم نعمل .. وبهم نصنع التغيير .. وبهم نؤسس الحاضر
ونحلم من أجل المستقبل..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق